للمالكية عبارات اصطلاحية انفردوا بها غالبا، وشوركوا في بعضها نادرا ـ
منها: رموز لأسماء العلماء أصحاب الأقوال والترجيح في المذهب ومنها لكتبٍ يكثر ذكرها والرجوع إليها، ومنها لعبارات فقهية كثر دورانها على ألسنة فقهاء المذهب ومسائل ملقَّبَةٍ لا توجد عندَ سواهم بنفس المسميات ـ
وعلى هذه بالذات ينصب اهتمامُنا في هذا البحث، وهذه المسائل الملقبةُ تدل في حد ذاتها على مبلغ النضج والثراء العلمي في المذهب المالكي حيثُ وضع فقهاؤه لبعض مسائله أسماءَ وألقاباً لشدة عنايتهم بها، لتمتاز عن غيرها من المسائل الأخرى، وتجدُ هذه الألقابَ مشتقةً في الغالب من المسألة نفسها، أو من تشبيهها بكائن حيٍّ كالحُبلى ، وأم الجناحين، أو بانعكاسها بالتقديم والتأخير:كالمقلوبة ، أو لتداخل نفوذِ طرفين فيها: كذات الوليينِ، أو لاستعصائها على الحلِّ :كالصماء، أو لعدم أمْن الغلط فيها مثل: عقرب تحتَ طوبة، أو لضبط بعض المسائل بأوائل حروفها لتكون ضابطا يستحضره طالب العلم مثل: "جص مشنق"، أو لاقتضاء التمثيل بحيوان افترضَها فيه أول من تكلمَ عليها: كمسألة "حمار ربيعة" ومسالة البرذون ومسألة الفرس، أو لأجل صفة ملازمة لصاحبها: كالمخلَّق، وتعني المخّبِّبَ لاستعماله الخَلوق غالباً، وهو: الطيب، أو لنوع المسألة : كشركة الخماس وشركة الذِّمم..
وانفرادهم هنا صوريٌّ لا ضِمنيٌّ فأغلبُ هذه المسائل مبثوثة في كتب غيرهم دون التركيز على تسميَّتها باسم معين.
والفائدةُ من تلقيبها كامنةٌ في تنبيهِ طالب العلم على أهميتِها وفي تمييزها عن غيرها لئلا تشتَبِهَ في ذهنه مع المسائل المُقاربةِ لها، ولذلك اصطلح فُقهاءُ المذهب على مُسمياتٍ لها، وهي امتدادٌ لما كانَ عليه فقهاء التابعينَ من اصطلاحهم على تلقيب بعض المسائل والأحاديث ومن مؤلفاتهم في ذلك كتاب الحافظ ابن حجر: "الأربعون المهذبة بالأحاديث الملقبة"..
ومهما يكن فهي تعكسُ صورةً من صور ثَراءِ الفقه المالكي وسعة مجاله، ونوجز فيما يلي ما وقفنا عليه منها ـ مرتبا على الأبواب الفقهية ـ إن شاء الله ـ:
مفردات الاصطلاح مُرتبةً على الأبواب الفقهية:
باب الطهارة:
كَيمخت: بفتح الكاف ـ عند المالكية "هو: جلد الحمار أو الفرس أو البغل الميت" انفرد المالكية بإطلاقه على جلد الحمار وما في معناه ،وعند الأحناف: للجلد المدبوغ بدهن الخنزير وعند الحنابلة لجلد الميتة مطلقا
مستنكِحٌ: هو الحدث الخارج بغير اختيار الشخص الملازم له كل يوم مرة فأكثر
باب الصلاة:
أم التشهدات: وهي ما إذا أدرك مع الإمام الركعة الثانية وفاتته الثالثة والرابعة لرعاف فإنه بعد غسله يأتي بالثالثة بالفاتحة فقط عند ابن القاسم ويجلس لأنها ثانية نفسه، ثم يأتي بالرابعة كذلك ويجلس لأنها آخرة الإمام، ثم يقضي الأولى بفاتحة وسورة ويجلس فيها ويسلم، فقد اجتمع في هذه الصلاة أربع تشهدات وكل واحد منها سنة.
أم الجناحين: علَمٌ عندَ المالكية على إحدى الصور التي اجتمع فيها البناء والقضاءُ بالنسبة للمأموم،، واختلفَ في أيهما يُقدَّمُ.
ومن أمثلتها: أن يُدركَ المسبوقُ الثانيةَ والثالثة ـ معا ـ.. يعني.. أن الإمام سبق المأموم بركعة من الرباعية وأدرك معه الوسطيين ورعف في الرابعة فلما خرج لغسل الدم فاتته الرابعة. فعند ابن القاسم يأتي بركعة بأم القرآن سرا ويجلس على المشهور قبل النهوض ليحاكي بها فعل الإمام لأنها رابعتُه وإن كانت بالنسبة إلى المأموم ثالثة، ولأن القضاء سنتُه أن يكون عقب جلوس، ثم يأتي بركعة بأم القرآن وسورة يجهر إن كانت جهرية وتلقب بأم الجناحين لثقل طرفيها بأم القرآن وسورة، وعند سحنون يأتي بركعة بأم القرآن وسورة من غير جلوس ثم بركعة البناء بأم القرآن فقط
وقد نظمها العالم التاه بن يحظيه الشنقيطي بقوله:
مُدْرِكُ أُولى في التي تلي رَعفْ
|
***
|
ثالثةً أدركَ في الأخرى اتَّصفْ
|
بـــــــــــــــه، ففي الثالثة الخـــــــــــــــلافُ
|
***
|
هل للبنا أو للقضا تُضـــــــافُ؟
|
نــــــــــــــــــــــــظيرَ ما أدرك بعدهُ وما
|
***
|
أدركَ قبلَه، والأول انْــــــتــَـــــمى:
|
لأهل الانـــــــــــــــــــــدلس والمُدوَّنـــــهْ:
|
***
|
ظاهرها له انتمى الثاني هُــنـــــَهْ.
|
قال الدسوقي معللا تلقيبها بذات الجناحين: لأن كلا من الركعة الأولى والأخيرة وقعت بفاتحة وسورة.
وقد نظم شبيهتها العالم: محمد عمران بن سيدي الشنقيطي فقال:
مُدْرِكُ أُولى وأخِيرةٍ فـــــــــــــقط***هل ركعتاهُ للقضا أو ما فرطْ
الأولُ الظاهر للمدوَّنـــــــــــــــــــهْ***والثاني للأندلسيين هُـــــــــــــــــــنَه
وسورةً في الركعة الأولى ولا***جلوسَ فيما بين هاتين اعقِلا.
وصورتها: أن يدرك الأولى ثم يرعف فتفوته الثانية والثالثة، ثم يدرك الرابعة.... قال بعض الأندلسيين: هما بناء.. وعليه: فيأتي بركعتين بأم القرآن فقط من غير جلوس بينهما، قاله ابن ناجي وغيره، وعلى مذهب المدونة قال أبو الحسن: قال ابن حبيب: يأتي بركعتين ثانية وثالثة، يقرأ في الثانية بأم القرآن وسورة، ولا يجلس لأنها ثالثة بنائه، ويقرأ في الثالثة بأم القرآن ويجلس لأنها آخر صلاته .
العرجاء: وصورتها على ما قاله سحنون من تقديم القضاء على البناء: يأتي المسبوق بركعة بأم القرآن وسورة من غير جلوس لأنها أولاه وأولى إمامه أيضا ثم بركعة بأم القرآن فقط ويجلس لأنها أخيرته وأخيرة إمامه وعلى مذهبه فتلقب هذه الصورة بالعرجاء لأنه فصل بين ركعتي السورة بركعة الفاتحة وبين ركعتي الفاتحة بركعة السورة وهي عكس أم الجناحين.
المقلوبة: وصورتها: أن تفوت المأمومَ من صلاة الإمام : الركعةُ الأولى والثانية ويدرك الثالثة وتفوته الرابعة بكرعاف فيأتي بها بالفاتحة فقط، ويجلس لأنها ثانيته وآخرة إمامه، ثم بركعة بأم القرآن وسورة جهرا ولا يجلس لأنها ثالثته، ثم بركعة كذلك، وتلقب بالمقلوبة لأن السورتين متأخرتان عكس الأصل
الحبلى: صورتها عند المالكية: أن تفوتَ المأمومَ الداخل في الصلاة الركعةُ الأولى والثانية ويدركَ الثالثة وتفوته الرابعة بالرعاف فعند ابن القاسم يأتي بركعة بأم القرآن فقط ويجلس اتفاقا، ثم بركعتي القضاء بأم القرآن وسورة ولا يجلس في وسطهما، وعند سحنون يأتي بركعة بأم القرآن وسورة ويجلس، لأنها ثانيته ثم بركعة بأم القرآن وسورة ويجلس ثم بركعة بأم القرآن فقط وتسمى الحبلى على هذا، لثقل وسطها بالقراءة
باب الجنائز:
الزغاريت:
تعريفها: زغردت المرأة: رددت صوت الفرح في حلقها بلسانها
حكمها: قال الأمير: ما يصنع من الزغاريت عند رفع جنازة الصالحين ..هو: بدعة يجب النهى عنها ـ قاله الشيخ سالم ـ
باب اليمين:
بساط اليمين: عبارةٌ يطلقها المالكية على سببها الذي أثارها.
صورتها : قالوا في البساط: حالة تتقدم الحلف
أو: قرينة الحال قال الأمير وبساط اليمين هو: السبب الحامل عليها.
ما يراعى في الأيمان:
قال اللخمي وُيراعى في الأيمان ستة: النية، وبساط اليمين ـ وهو: السبب الذي كان عنه، والعادة في الاستعمال، والعادة في التخاطب، والعادة في المقاصد في الأيمان، وما يقتضيه اللفظ الذي حلف به في وضع اللغة.
أركان النكاح:
ذات الوليين: صورتها: امرأة أذنت لولييها في عقد نكاحها، فعقد كل منهما لرجل بدون علم الآخر ولا سابقَ في العقد، فالحكم فيه الفسخ معاً، ـ هذا ما لم يعرف السابق في الدخول وإلا فالسابق بالدخول أحق بها إن دخل وهو جاهل بالأول، قال في المدونة: وإذا وكلت المرأة كل واحد من ولييها يزوجُها فزوجَها هذا من رجل وهذا من رجل فالنكاح لأولهما إذا عرف الأول، إلا أن يدخل بها الآخر فهو أحق بها أي ما لم يكن في عدة وفاة الأول حين دخوله بها فيفسخ لأنه ناكح في العدة، ولا يفسخ إذا طلق الأول قبل موته. وقبل تلذذه بها لأنها في غير عدة[19] .
انفرد المالكية بستميتها: "ذات الوليين" وشوركوا في حكمها ومضمونها.
نكاح النهارية: هي التي تُنكح على أنها تأتي زوجها نهارًا ولا تأتيه ليلاً، فالحد فيه ساقط، والمهر لازم، والولد لاحق والعدة واجبة[20] قال بهرام [21] وهذه المسألة تسمى: نكاح النهارية.
وفيها بعض الشبَه بما يسمى ـ في هذا العصر.: "نكاح المسيار "
باب الصداق:
الشوار: تعريفه: الشوار ـ مثلثة ـ: متاع البيت [22] قال الحطاب[23] : وشوار البيت : متاعه وقال القرافي : الشَّوار بفتح الشين ما يحتاج إليه البيت من المتاع الحسن [24] وهو: جهاز المرأة الذي تتجهزُ به لزوجها، ويجوزُ أن يُصدقها به قال خليل: (وجاز النكاح بشَورة)
المخلِّق: ـ بصيغة اسم الفاعل ـ وتعني: المخَبِّبَ لاستعماله الخَلوق غالباً، وهو: الطيب، قال عنه البناني هو: الذي يُفسد المرأة على زوجها حتى يتزوجها فقيل يتأبَّد فيها التحريم وقيل: لا يتأبد فيها التحريم ـ وهو المشهور ـ
باب الطلاق:
الدولابية: صورتها: إن شكَّ أطلق زوجته طلقة واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً؟: لم تحل إلا بعد زوج، لاحتمال كونه ثلاثاً، ثم إن تزوجها بعد زوج وطلقها طلقة أو اثنتين فلا تحل إلا بعد زوج، لاحتمال أن يكون المشكوك فيه اثنتين وهذه ثالثة، ثم إن تزوجها وطلقها لا تحل إلا بعد زوج، لاحتمال أن يكون المشكوك فيه واحدة وهاتان اثنتان محققتان، ثم إن طلقها ثالثة بعد زوج لم تحل إلا بعد زوج، لاحتمال أن يكون المشكوك فيه ثلاثاً وقد تحقق بعدها ثلاث وهكذا لغير نهاية، إلا أن يبتَّ طلاقها كأن يقول أنت طالق ثلاثاً، أو إن لم يكن طلاقي عليك ثلاثاً فقد أوقعت عليك تكملة الثلاث، فينقطع الدور وتحل له بعد زوج وتسمى هذه المسألة الدولابية، لدوران الشك فيها[27] قال الأمير:[28] والمسألة الدولابية في الطلاق: إذا شك في عدد لم تحل وقتًا ما إلا بعد زوج، فإن الحكم في جميع ذلك الوجوب، ومداره على الاحتياط، وأمثال ذلك كثير.
باب البيع:
جص مشنق: انفرد المالكية بمضمونها وعنوانها عن الثلاثة [29]
قال القرافي[30] لا يجتمع مع البيع عقود يجمعها قولك (جص مشنق) الجيم: للجعالة والصاد للصرف والميم للمساقاة والشين للشركة والنون للنكاح والقاف للقراض لتضاد أحكامها، قال الحطاب[31] : ونظمها بعضهم فقال:
عقود منعناها مع البيع ستة ... ويجمعها في اللفظ جص مشنق
فجعل وصرف والمساقاة شركة ... نكاح قراض منع هذا محقق
المضغوط: وهو: المكره، وقال في القاموس: الضُّغْطة ـ بالضم ـ الضيق والشدة والإكراه.[32] وتصرف المضغوط غير لازم قال الخرشي [33]ولا يفيتُ بيعَ المضغوط تداولَه الأملاكَ ولا عتقه ولا هبته، وكذا لو تسلف المضغوط ما ضغِط فيه من رجل فإنه لا يلزمه ما تسلفه على المشهور.
بيعة أهل المدينة: صورتها: كان الناس يتبايعون اللحم بسعر معلوم يأخذُ كل يوم شيئا معلوما ويشرع في الأخذ ويتأخر الثمن إلى العطاء ـ كذلك كل ما يباع في الأسواق ولا يكون إلا بأمر معلوم، يسمى ما يأخذ كل يوم.. ولم يروه دينا بدين واستخفوه.
حكمها: حدثنا مالك عن عبد الرحمن المجمر عن سالم بن عبد الله قال: كنا نبتاع اللحم من الجزارين بسعر معلوم نأخذ منه كل يوم رطلا أو رطلين أو ثلاثة ويشترط عليهم أن يدفعوا الثمن من العطاء قال: وأنا أرى ذلك حسنا قال مالك: ولا أرى به بأسا ـ إذا كان العطاء مأمونا وكان الثمن إلى أجل ـ فلا أرى به بأسا
دخولها في عمل أهل المدينة: قال ابن رشد: كنا ... إلخ يدل على أنه معلوم عندهم مشهور ولاشتهار ذلك من فعلهم سمي بيعة أهل المدينة، وهذا أجازه مالك وأصحابه اتباعا لما جرى عليه العمل بالمدينة بشرطين:
أـ أن يشرع في أخذ ما أسلم فيه
ب ـ أن يكون أصله عند المسلم إليه ـ على ما قاله غير ابن القاسم في سماع سحنون من السلم والآجال، وليس ذلك محض سلم ولذلك جاز تأخير رأس المال إليه فيه ولا شراء شيء بعينه حقيقة ولذلك جاز أن يتأخر قبض جميعه إذا شرع في قبض أوله وقد روي عن مالك أنه لم يجز ذلك ورآه دينا بدين، وقال: تأويل حديث المجمر أن يجب عليه ثمن ما يأخذ كل يوم إلى العطاء، وهذا تأويل سائغ في الحديث؛ لأنه إنما سمى فيه السوم وما يأخذ كل يوم ولم يذكر عدد الأرطال التي اشترى منه فلم ينعقد بينهما بيع على عدد مسمى من الأرطال فكلما أخذ شيئا وجب عليه ثمنه إلى العطاء ولا يلزم واحدا منهما التمادي على ذلك إذا لم يعقدا بيعهما على عدد معلوم مسمى من الأرطال فكلما أخذ شيئا وجب عليه ثمنه إلى العطاء وإجازة ذلك مع تسمية الأرطال التي يأخذ منها في كل يوم رطلين أو ثلاثة على الشرطين المذكورين هو المشهور في المذهب، وهو قوله: في هذه الرواية وأنا أراه حسنا معناه وأنا أجيز ذلك استحسانا اتباعا لعمل أهل المدينة وإن كان القياس يخالفه [34]
مد عجوة: صورتها: تفرض فيمن باع مد عجوة ودرهما بدرهمين، ـ وجوز ذلك أبو حنيفة وقال: من باع مائة دينار في قرطاس بمائتي دينار أنه جائز ويحتسب بالقرطاس في مائة دينار. وأجاز الشافعي دينارا ودرهما بدينار ودرهم[35]
قال عليش[36] فتحصل أن مالكا " - رضي الله عنه - " منع الصورتين، وأجازهما أبو حنيفة، وفرق الشافعي بينهما.
التصيير: تعريفه: قال التوزري [37] هو: دفع شيء مُعين ـ ولو عقارا ـ في دين سابق، أو هو: إعطاء شخص ملكا له في دين عليه.
شروطه: يشترط في التصيير أن يُعرف قدر الدين المصيَّر أي: المجعول فيه هذا الشيء المعيّن.. لأنَّ التصيير بيع من البيوع، ومن شرط العوضين في المبيع معرفة قدر كل منهما، و يشترط فيه الإنجاز أي: القبض لما قد صُيِّر أي :جعل في مقابلة الدين [38]
المقاصات: عبر عنها ابن عسكر وشارحه الكشناوي بقولهما[39]"يجوز تطارح ما في ذمتيهما صرفاً بشرط حلولهما وتماثلهما واقتضاء أحدهما من الآخر بشرط الحلول وقبض الجميع في الفور " يعني أنه : يجوز قضاء ما في الذمة بمثله إذا كملت الشروط الآتية، وهذه المسألة تسمى بالمقاصات أي: المتاركات.
مسألة البرذون: هي : نفس مسألة الفرس نصت عليها المدونة ـ في كتاب الآجال، لمشابهتها لمسائله في بنائها على سد الذرائع وتسمى: مسألة البرذون، لأنها في أصل المدونة فرضت في برذون وفرضها البراذعي في فرس [40]
مسألة حمار ربيعة: صورتها: قال ربيعة: وإن بعت حمارًا بعشرة دنانير إلى أجل، ثم أقلته على أن أعجل لك دينارًا أو بعته بنقد فأقلته على إن زادك دينارًا أخرته عليه لم يجز. محمد: ويدخله البيع والسلف. قال الدميري [41]تلقب بمسألة حمار ربيعة، لأنه ذكرها في المدونة عنه.
مسألة الرد في الدرهم: صورتها: أن يعطيَ الإنسان درهما ويأخذ بنصفه فلوسا أو طعاما أو غير ذلك وبالبعض الباقي فضة والأصل فيها المنع، كما تقدم أنه لا يجوز أن يضاف لأحد النقدين في الصرف جنس آخر، لأنه يؤدي إلى الجهل بالتماثل، والجهل بالتماثل كتحقق التفاضل وهذه المسألة مستثناةٌ من القاعدة المذكورة للضرورة[42] انفردَ المالكيةُ بعنونَتِها وشاركهم الأحنافُ في مضمونها
مسألة الصرف في الذمة: صورتها: أن يكونَ لأحدهما على الآخر دينار أو ديناران مثلا، والآخر عليه دراهم فيتطارحان ما في الذمتين، فإن كان ما في الذمتين مؤجلا أو ما في ذمة أحدهما لم يجز، وإن حلا معا جاز، وكذا إن كان الدين من جهة واحدة وأراد من عليه الدين أن يصارف صاحبه عليه جاز إن كان قد حل ودفع إليه الآخر العوض في ساعته قبل أن يفترقا.. وعلة المنع في ذلك أن المعجل لما في الذمة يعد مسلفا.. قال الحطاب: هذه المسألة تلقب بالصرف في الذمة [44] وقد انفرد المالكية بعنوانها:" مسألة الصرف في الذمة" وشاركهم غيرهم في ذكرها ـ غير مُضافة لمسألة ـ
مسألة الفرس: صورتها: إن أسلمتَ إليه فرسًا في عشرة أثواب إلى أجل، وأعطاك منها خمسة قبل الأجل مع الفرس أو مع سلعة سواه على إن تبرئه من الثياب لم يجز، لأنه بيع وسلف ووضيعة على تعجيل حق، قال بهرام الدميري [45]: هذه المسألة تلقب بمسألة الفرس لفرضها في الفرس.
التولية: صورتها: عبرَ عنها ابن عرفةَ بقوله: هي تصيير مشتر ما اشتراهُ لغير بائعه بثمنه[46] يعنى: أن من اشترى شيئاً فإنه يجوز له أن يولِّيه بثمنه لغير بائعه مطلقاً سواء كان طعاما أو غيره قبل القبض أو بعده.
حكمها: وليست التولية في الطعام قبل قبضه مما هو ممنوع ومتقى بل هي جائزة كالشركة فيه والإقالة لأن الثلاثة معروف وإحسان رخص فيها النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم إلا إذا كانت بأكثر من الثمن أو أقل فلا تجوز فيه قبل قبضه لأنها خرجت عن الرخصة إلى البيع المحض.
باب المرابحة:
التبريج: صورته: أن تكون السلعة عند المشتري قديمةً فيدخلها في السوق ليرُيَ أنها طرية مجلوبة وهو المسمى: بالتبريج ومنه أن يبيعَ في التركة ما ليس منها وكذلك إذا أظهر للمشتري أنها طرية وإن لم يدخلها السوق.
قال ابن عرفة: ومنه إدخال بعض أهل السوق بعض ما بحانوته للنداء عليه كوارد على السوق[47] قال القرافي[48] ـ في بيع المساومة ـ ويمتنع فيه أن تكون السلعة قديمة فيدخلها السوق ليوهم طراوتها وهو المسمى: بالتبريج.
ما يغاب عليه، وما لا يغاب عليه: انفرد المالكية بهذا المصطلح وفسروا ما يغابُ عليه : بما يمكن إخفاؤه وتغييبُه كالثياب والحلي والعروض والسفينة السائرة ..وما لا يغاب عليه: بالعقار والحيوان والسفينة بمحل المرسى[49] والدور والأرضين، والثمر في رؤوس النخل، والزرع الذي لم يحصد[50]
باب الشركة:
شركة البهائم: الشركة في البهائم على أقسام، ذكرها في اللوامع ـ[51] ونظمها العلامة سيدي أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي ت 1175ه بقوله:
شروط ذي الشركة تعجيلٌ لما *** يأخذُ عاملٌ ووقتٌ عُلما
مأكلُهُ وكونهُ في ذمَّتهْ*** وعدمُ اشتراطِ فضْلِ غَلَّتِهْ[52]
شركة الجبر:صورتها: قال النفراوي [53]يمكن رسمها بأنها : استحقاق شخص الدخول مع مشترٍ سلعة لنفسه من سوقها المعدِّ لها على وجه مخصوص.
شروطها:
1ـ كون الشراء للتجارة في البلد ـ لا إن اشتراها للسفر بها ولو للتجارة أو للقنية أو من غير سوقهاـ
2ـ أن يكون مريد الدخول من تجار تلك السلعة.
3ـ وأن يكون حاضرا لشرائها.
4ـ وساكتا لم يتكلم وسواء كان من أهل ذلك السوق أم لاـ
الخلاصة: فإذا وجدت تلك الشروط في الحاضر قضي له بالدخول قهرا على المشتري، كما أن المشتري لو طلب المشاركة من الحاضر لخسارة مثلا وأبى الحاضر لقضي عليه بالدخول مع المشتري.
ووردت في "مجلة الأحكام العدلية" الحنفية: "للاشتراك الحاصل بغير فعل المتشاركين كالاشتراك الحاصل في صورة التوارث واختلاط المالين" فمضمونها عندهم يُغايرُ المقصودَ بها في المذهب المالكي، واللفظ لم يُعبر به إلا اثنان من متأخِّريهم
شركة الخماس: صورتها: أن يُخرج أحدهما ـ المتعاملين ـ البذرَ والأرض والبقر وعلى الآخر عمل يده فقط وله من الزرع جزء كربع أو غيره من الأجزاء.
حكمها: حاصل القول فيها أنه إن عقداها بلفظ الشركة جازت ـ اتفاقا ـ وإن عقداها بلفظ الإجارة لم تجز لأنها إجارة بجزء مجهول ،"وإن تجرد عقدها من اللفظين" بأن أطلقا القول عند العقد فحملها ابن القاسم على الإجارة فمنعها وحملها سحنون على الشركة فأجازها والمشهور الأول[56]
شركة الذِّمم: انفرد المالكية بهذا المصطلح وعبَّر غيرهم عنه بشركة الوجوه، وشركة الذمم .
صورتها: هي: أن يشتريان ويبيعانِ والربحُ بينهما من غير مال[57]وفسرها بعضهم: ببيع الوجيه مالَ الخامل بحصةٍ من ربحه، وفسرها بعضهم: بالشراء بلا مال حاضرٍ بل في الذمة، ووجهُ فسادها ما فيها من الإجارة المجهولة والتدليس على الغير، لأن غالب الناس لا يحب البيع أو الشراء إلا من الأملياء أو من سلع غير الخامل[58]
باب القسمة:
قسمة البت في الحبُس: صورتها: أن يكون الحبس ... على قوم بأعيانهم ثم طلب أحدهم قسمته على البت..
والحكم فيها: أن لا يجاب إلى مطلبه ولو وافقه شريكه على ذلك.
علة عدم جوازها: لأن قسمة البت نوع من البيع والحبس لا يباع كما علمت ـ أما إذا طلب قسمته انتفاعًا فإنه يجاب إلى مطلبه لأنه جائز على القول المعمول به ونظمه صاحب العمل المطلق فقال:
وقسموا الحبس للانتفاع ... والاغتلال خشيةَ الضياع [59]
قال الدسوقي [60] وأما الحبس فاعلم أنه لا يجوز قسم رقابه اتفاقا، وأما قسمه للاغتلال بأن يأخذ هذا كراءه شهرا مثلا والآخر كذلك فقيل يقسم ويجبر من أبى لمن طلب وينفذ بينهم إلى أن يحصل ما يوجب تغيير القسم بزيادة أو نقص يوجب التغيير وقيل لا يقسم بحال، وهو ما يفيده كلام الإمام في المدونة، وقيل: يقسم قسمة اغتلال بتراضيهم فإن أبى أحدهم القسم فلا يجبر عليه فغاير القول الأول واستظهر ح القول الثالث.
وجرى عملُ بعض متأخِّري المالكية على قَسْم رقاب الحبس لمقتضى الضرورة، وإلى ذلك أشارَ العالم القاضي يحيى ابن أحمدُّفال التندغي الشنقيطي بقوله:
قَسْمُ رقابِ الحبس ممنوعٌ على ** مَشهور مالكٍ فَذرْ أنْ تفعلا
لكنْ سوى المشهور ربما دَعتْ** له ضرورةٌ ـ إذاً ـ فأُعمِلتْ
لا سيَّما ببلَدٍ لمْ يُمكن** فيه اقتسامُ غلَّةٍ كاللَّبَن.
باب الإجارة والكراء:
الجلسة: عرفها عبد القادر الفاسي بأنها: عقد كراء على شرط متعارف ومعناه: شراء الجلوس والِإقامة بدكان على الدوام والاستمرار مقابل كراءٍ فقط، دون جواز الِإخراج أي :كراءٌ على التبقيَّة بكراء المثل[61] .. قال البناني: ويعبرون عن الخلو المذكور بالجلسة وجرى بها العرف لما رأوه من المصلحة فيها فهي عندهم كراءٌ على التبقية[62]
باب الوقف:
مسألة ولد الأعيان: ـ وهم: الإخوة الأشقاء ـ
صورتها: أن الشخص إذا وقف في مرض موته على ورثته والثلث يحمله، وعقَّبَه بأن قال: هو وقف على أولادي وأولاد أولادي وذريتهم وعقبهم فإنه: يصح حينئذ ولا يبطل ما نابَ أولاد الأعيان لتعلق حق الغير بالوقف، لأن أولاد الأعيان إذا ماتوا رجع الوقف لأولادهم، فإذا صح الوقف على هذا الوجه كان ما بأيدي أولاد الأعيان وقفا لا ملكا ويأخذ الذكر مثل حظ الأنثيين.[63]
باب الهبة:
اعتصار: الاعتصار اصطلاحا هو: ارتجاع المعطي عطيته دون عوض لا بطوع المعطَى[64] انفرد المالكية باستعماله للرجوع عن الهبة، بينما المذاهب الأخرى تعبرُ عنه بالرجوع في الهبة.
باب القضاء:
استفسار: وهو: سؤال الشاهد عن شهادته التي أداها عند القاضي كيف أداها؟ فإن أتى بشهادته نصا أو معنى وإن اختلف اللفظ، صحت، وإلا بطلت، وهذا على ما مضى به العمل في استفسار الشهود مراعاة لمصلحة التحقيق في الشهادة لكثرة تساهل الناس في الشهادة،[65] ويوجد عند الحنفية والشافعية بشكل قريب من هذا غير مطابق له[66]
التقييد: بيانه: إذا حصر دعواه فيما قيده حصرا بالفعل، فإن زاد بعد الحصر شيئا لم تقبل زيادته إن امتنع خصمه من ذلك ـ وإن انتقل إلى أخرى بطلت دعواه جملة، لاضطرابه. وإن كان الوجه الثاني فترك التقييد حسن إذ ربما يكون تلقي الدعوى وفهمها بالكلام أسهل للفهم من الكتاب والأحسن التقييد لأهل هذا الزمان كما تقدم، إلَّا إذا كان المال قليلا بحسب العرف بحيث تضره المصاريف فلا يحسن التقييد كما قال وتكون النازلة شفاهية ....
من أمثلته: لو تكررت شكوى شخص بآخر فإن للمشكو أن يرفع الشاكي للحاكم ويقول له إن كان لك شيء عندي فيدعي به فإن أبى من ذلك حُكم له بأنه: لا حق له بعد ذلك وليس له شكوى قطعا للنزاع ـ.. أي: فيما كان يدعيه قبل الحكم أما ما كان مُحدَثا بعد الحكم فله القيام به وتسمع دعواه فيه وهاته المسألة تعرف عندنا بالتقييد أو الاسقاط قطعا للمشاغبة على أن ذلك لا يكون إلَّا بعد التكرار كما قال لا من أول شكوى[67]
باب الشهادات:
إيداع الشهادة: صورتها في: من يقرُّ في السر ويجحد في العلانية فصالحه غريمه على أن يؤخره سنة، ولو شهد الطالب أنه إنما يؤخره لغيبة بينته، فإذا قدمت قام بها، فقيل: إن ذلك له إذا علم أنه كان يطلبه وهو يجحده، وقيل: ليس له ذلك.
قال خليل: ..وهذه المسألة تسمى إيداع الشهادة، والله أعلم.
مسألة غريم الغريم غريم: صورتها: أنهما إذا شهدا على شخص بمال فحكم القاضي به لمستحقه ثم رجعا قبل أن يدفع المقضي عليه المال للمقضي له فللمقضي عليه أن يطالبهما بالمال ليدفعاه عنه للمقضي له وللمقضي له أن يطالبهما بالمال إذا تعذر طلبه على المقضي عليه بأن مات أو فلس أو هرب؛ لأنهما غريما غريمه قال في التوضيح، وهو مقتضى الفقه[69] انفردَ المالكيةُ بتسميتها مسألةً وشوركوا في الكلام على حكمها.
النقل: وهو داخل في شهادة السماع ..وعرفه ابن عرفة بقوله: النقل عرفا: إخبار الشاهد عن سماعه شهادةَ غيره أو سماعه إياهُ لقاضٍ فيدخل نقل النقل، ويخرج الإخبار بذلك لغير قاض وهي عند غير المالكية تعرفُ بالشهادة على الشهادة.
شهادة اللفيف: تعريفها: اللفيف: هو ما اجتمع من قبائل شتى من غير تزكية لأحد منهم، يكون من غير العدول أو: من النساء والصبيان وقال التوزري هو: عبارة عن جماعة اثني عشر رجلا فأكثر غير عدول.
حصانة اللفيف في غير الدماء:.. والخصم لا يُمكن من التجريح فيهم بكل قادح مما يجرح به العدلُ من مطل
وحلف بحرام ـ ونحو ذلك ـ مما يأتي في محله لأنه مدخول فيهم على عدم العدالة لكن لابد فيهم من ستر الحال فلا يقبل تارك الصلاة ولا المجاهر بالكبائر من إظهار سكر وكثرة كذب ولا متهم بقرابة أو عداوة وفي باب الدماء المشهور في هذا الفرع أنه ليس بلوث وعليه فشهادتهم كالعدم.
وقال ناظم العمليات الفاسية:
ولا تُمكِّنْ في اللفيف الخصما*** من نسخة الإعذار ـ إنْ أتماـ
شهادة البت: تعني الشهادة القاطعةَ المستندةَ إلى علم الشاهدِ المُتيقَّنِ قال عليش : شهادة البت في القطع بالمشهود به.
وتنافيها شهادتا النقل والسماع
الاسترعاء في الاسترعاء: عرف الخرشي الاسترعاء بقوله : هو إيداع الشهادة وذلك كأن تقول المرأة لجماعة مثلا: إن لي بينة على ضرره لي وإنما أريد أن أخالعه وأقرت بعدم الضرر فإذا أسقطت هذه البينة فلها أن تقيمها لتقيم بينة الضرر ولا يقال إنها مكذبة لها.
صورته: أن يُشهدَ ـ شخص ـ أنه لا يلتزم الصلحَ، وأنه متى صالح وأشهد على نفسه في كتاب الصلح أنه أسقط عنه الاسترعاء في السرِّ فإنه: لا يلتزم ذلك، ولا يسقط عنه القيام به، فلا يتصور في ذلك منزلة ثالثة.
مجالُه: الاسترعاء في السر، إنما ينفع عند من يراه نافعا فيما خرج على غير عوض، وأما ما خرج على عوض من العقود كلها، فلا اختلاف في أن الاسترعاء فيها غير نافع
مسألة الحيازة: صورتها: أن الأجنبي ـغير الشريك إذا حاز شيئا على صاحبه وتصرف فيه، ولو بغير هدم وبناء كالإسكان والإجارة مدة عشر سنين، وصاحبه حاضر ساكت طول المدة لا مانع له من القيام فإن ذلك ينقل الملك عنه فإذا قام صاحبه الأجنبي بعد ذلك يطلب متاعه فإن دعواه الملك لذلك لا تسمع، وكذلك إذا أقام بينة تشهد له بذلك لم تسمع واستحقه الحائز لقوله - عليه الصلاة والسلام - «من احتاز شيئا عشر سنين فهو له
مسألة رد اليمين مع النكول :صورتها: أن الدعوى إذا كانت دعوى تحقيق: لا يستحق الطالب إلا بعد حلفه.. وأما لو كانت دعوى اتهام فإنه يستحق بمجرد نكول المدعى عليه، وهذه المسألة تعرف بمسألة رد اليمين مع النكول والأصل فيها قوله - صلى الله عليه وسلم في القسامة -لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن بن سهل حين قتل أخوه عبد الله بن سهل بخيبر: «أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ قالوا: لم نحضر فكيف نحلف يا رسول الله؟ قال: فتبرئكم يهود بخمسين يمينا، قالوا: لم يكونوا مسلمين» فهذا رد اليمين، وأشار بقوله فيما يدعي فيه معرفة إلى أن الإنسان لا يجوز له الحلف إلا على ما يعلمه من فعله أو فعل غيره، أو تقوم له قرينة قوية يعتمد عليها، ولذلك كانت يمين التهمة تتوجه ولا ترد؛ لأن المتهم غير عالم.
باب الوصية:
مسألة خلع الثلث: صورتها: إن أوصى لشخص بنصيب ابنه أو مثله، أي: مثل نصيب ابنه، فلا فرق بين اللفظين، وله ابن واحد، وأجاز الوصية، فبالجميع قدره بعضهم بجميع المال، فإن ردها نفذت في الثلث.
قال في الجلاب: فإن كان له ابنان فقد أوصى له بنصف ماله، فإن أجاز ذلك ولداه، وإلا كان له ثلث، وإن كان له ثلاثة فقد أوصى له بثلث ماله، وإن كان له أربعة بنين فقد أوصى له بربع ماله، أو خمسة فالوصية بالخمس، وفسر على ذلك.
وقال الفرضيون: إذا أوصى له بمثل نصيب ابنه، فإن كان له ابن واحد فالوصية له بالنصف، وإن كان له ابنان فالوصية بالثلث، ويقدر زائدًا، وإن أوصى له بنصيب ولد فلا يقدر زائدًا اتفاقًا، وهذا التقرير بناءً على أن المراد بالجميع جميع المال، ليس إلا قال التتائي :والمسألة تلقب عند أهل المذهب بمسألة (خلع الثلث).
وتوجد عند الثلاثة منسوبة للمالكية.
باب الفرائض:
أخت المالكية: صورتها : زَوْجٌ وَأُمٌّ وَ أَخَوَان لِأُمٍّ وَأَخٌ "شقيق" وَجَدٌّ فَإِنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ وَلَا يَرِثُونَ وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ ثَلَاثَةً وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ "الشقيق" لِأَنَّ الْجَدَّ يَقُولُ لَهُ لَوْ كُنْت دُونِي لَمْ تَرِثْ شَيْئًا، لِأَنَّ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ يَأْخُذُهُ أَوْلَادُ الْأُمِّ، وَأَنَا أَحْجُبُ كُلَّ مَنْ يَرِثُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَيَأْخُذُ الْجَدُّ الثُّلُثَ كَامِلًا.
الصماء: صورتها: جدتان وثلاثة إخوة لأم وخمسة أعمام وكل مسألة عمها التباين تسمى: الصماء. قاله الشبراخيتي
الباهلة: وهي من مسائل العول ـ من ستة إلى أكثرَ ـ قال الخرشي: "وتعول الثمانيةُ بمثل ثلُثها كزوج وأم وأختٍ لأبَويْن، أو لأب ـ للزوج النصف وللأم الثلث وللأخت النصف ومجموعهما من الستة ثمانية وتلقب هذه بالباهلة سميت بذلك: لقول ابن عباس من باهلني باهلته ويعايا بها فيقال : امرأة ورثت الربع، وليست بزوج" قال العدوي ـ في حاشيته على شرح الخرشي:
"سميت بالمباهلة لما قاله ابن عباس لما بالَغ في إنكار العول، قال لزيد - رضي الله عنه وهو راكب - انزل حتى نتباهل أن الذي أحصى رمل عالج عددا لم يجعل في المال نصفا ونصفا وثُلثا هذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث؟" فمن شاء باهلتُه
الفريضة المالكية: وصورتها: أن تترك المتوفاة زوجًا وأمًا وجدًا وأخًا لأب وإخوة لأم: فمذهب مالك أن للزوج النصف وللأم السدس وللجد ما بقي ولا يأخذ الإخوة للأم شيئًا؛ لأن الجد يحجبهم ولا يأخذ الأخ للأب شيئًا؛ لأن الجد يقول له: لو كنت دوني لم ترث شيئًا؛ لأن ذوي السهام يحصلون المال بوراثة الإخوة للأم فلما حجبت أنا الإخوة للأم كنت أحق به. ومذهب زيد: أن للجد السدس وللأخ ما بقي وهو السدس، فإن كان فيها مكان الأخ للأب أخ شقيق فهي أخت المالكية، فمذهب مالك: أن الجد يأخذ ما بقي بعد ذوي السهام دون الأخ. ومذهب زيد: أن للجد السدس خاصة ويأخذ الأخ ما بقي كالحكم في التي قبلها، وسميت بالمالكية، لأن مالكًا خالف فيها زيدًا فيما يأخذه الجد: فعند مالك: الجد يأخذ ما بقي بعد ذوي السهام، وعند زيد: الجد يأخذ السدس والأخ يأخذ ما بقي كما تقدم
العالية: هي نفس الفريضة المالكية ذكرها بهذا الاسم الإمام ابن عسكر البغدادي في قوله :(ويسقط الأخ في العالية وهي: زوج وأم وجد وأخ يبقى سدس يأخذه الجد)
الناقضة: وأوردها ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أم وزوج وأخوان لأم، وسموها الناقضة بإعجام الضاد، لنقضها أحد أصوله، لأنه قال: لا عول، وعلى تقديره فإنما يدخل على البنات والأخوات الشقيقات أو لأب، ولا تحجب الأم إلا بثلاثة إخوة إلا أن يقال بتنقيص الأم، لأن فيها خلافا هل تنقص باثنين أو ثلاثة، واتفق على أن لأخوي الأم الثلث والزوج النصف وهو أحسن ما يرتكب، لأن توريث الأم الثلث مع الأخوين مظنون والزوج النصف والأخوان الثلث: مقطوع بهما والصواب ما قاله الجماعة ابن العربي: لم يقل أحد بقول ابن عباس من الصحابة ولا من غيرهم - رضي الله عنهم[88]
وهذه أول فريضة عالت في الإسلام في خلافة سيدنا عمر فجمع الصحابة فقال لهم فرض الله للزوج النصف وللأختين الثلثين، فإن بدأت بالزوج لم يبق للأختين حقهما، وإن بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه فأشيروا علي فأشار العباس بن عبد المطلب بالعول وقال أرأيت لو مات رجل وترك ستة دراهم ولرجل عليه ثلاثة ولآخر أربعة أليس يجعل سبعة أجزاء فأخذت الصحابة بقوله ثم أظهر ابن عباس فيه الخلاف بعد ذلك، وأنكر العول فقال إن الذي أحصى رمل عالج عددا لم يجعل في المال نصفا ونصفا وثلثا أبدا كما في سنن البيهقي
الخمسية: سميت بالخمسية لاختلاف خمسة ـ من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ـ.. وهم: أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت.
صورتها: لو ترك أمًّا وأختًا وجدًا تأخذ الأم ثلثها ويقاسم الجد الأخت خيرًا له فيكون له ثلثا ما بقي وللأخت ثلثه فتصح المسألة من تسعة [90] وتعرفُ عند الثلاثة ب"الخرقاء".
عقرب تحت طوبة:
من مسائل الإقرار المسألة الملقبة :بعقرب تحت طوبة، وهي: من تركت زوجا وأما وأختا لأم، أقرت الأخت ببنت فالإنكار من ستة والإقرار من اثني عشر أقرت الأخت أنه لا شيء لها وأقرت أن للبنت ستة وللعاصب واحدا فيقسم نصيبها على سبعة وواحد لا يتجزأ على سبعة، فتضرب سبعة في ستة باثنين وأربعين من له شيء من ستة أخذه مضروبا في سبعة [91]قال ابن يونس[92] : وإنما سميت بذلك: لغفلة من تُلقى عليه عما أقرت به للعصبة ولا خلاف في هذا.
النازلة: جمعها نوازل وهي: القضايا والوقائع التي يفصل فيها القضاة طبقاً للفقه الإسلامي
قال الطرطوشي: ولا يلزم أحدًا من المسلمين أن يقلد في النازلة والحكم من يعتزي إلى مذهبه، فمن كان مالكيًا لَمْ يلزمه المصير في أحكامه إلى قول مالك، ونحو ذلك، بل أين ما أداه إليه اجتهاده من الإحكام صار إليه، قال: فإن شرط عليه أن يحكم بمذهب معين لا بغيره، فالعقد صحيح، والشرط باطل، كان موافقًا لمذهب المشترط، أو مخالفًا له.
مفردات اصطلاحية لأشهر مختصرات المالكية:
إن أشهر مختصر في المذهب المالكي اشتغل به طلبة العلم وكان أشهر مدونةٍ مالكيةٍ بعد المدونة دارت حولها الشروح وصارت مرجعا للتدريس والإفتاء والقضاء منذ ما يناهز سبعة قرون ألا وهي: مختصر خليل الذي انفردَ باصطلاح مذهبي لا يشاركه فيه غيره، تجلت فيه عبقريتُه الفذَّةُ وقدرتُه على تلخيص ما سبقَه من مختصراتٍ وتخليص ما احتوت عليه من تكرار وزيادة في طراز فريد جامع في استيعابه مانع باختصاره ولذلك "انكب الناس على تعاطيه، بين حافظ له وناظم، ومقيد له وشارح، ومستدل له وناقد، وما ذلك إلا لأنه قد ضمنه صاحبُه ما تكون به الفتوى، وما هو الأرجح والأقوى، مع رسوخ قدم مصنفه وجلالته، واستيفاء مسائله لجلِّ المذهب، فلم يجمع أهل المذهب في مدح كتاب للمتأخرين كما أجمعوا على مدح مختصر خليل، بل إنه لم يهتم أهل المذهب بكتاب بعد الموطأ والمدونة كاهتمامهم به."
اعتمد فيه على أمهات كتب المالكية أهمها: المدونة والتهذيب والتبصرة للخمي، والجامع لابن يونس، والبيان والتحصيل والمقدمات والممهدات لابن رشد، وشرح التلقين للمازري، وقد ذكرها في مقدمته
وها هي عباراته الاصطلاحية مرتبةً على حروف المعجم:
الأحسن: بصيغة التفضيل، يُشير بها إلى قولٍ لبعض شيوخ المذهب ـ غيرَ الذين سمّاهم في المقدمة ـ المازري واللخمي وابن يونس وابن رشد ـ كقوله في طلاق المُكرَهِ: (كالطلاق طائعاً والأحسنُ المضِيُّ) ففي لزوم طلاق المكرَه إن أمْضى الطلاقَ طواعيةً قولان: الأحسنُ منهما لزومه وهو لسحنون
الأرجح: تدلُّ هذه العبارةُ على تصويبِ الإمام محمد بن عبد الله بن يونسَ التميمي الصقلي ت451ه لقولِ أحدِ العلماء المتقدمينَ عليه مثالها قول خليل: (وَلِمَرِيضٍ سَتْرُ نَجسٍ بِطَاهِرٍ لِيُصَلِّيَ كَالصَّحِيحِ عَلَى الْأَرْجَح) قال في المدونة: ولا بأس أن يُصليَ المريضُ على فراش نجس إذا بسَط عليه ثوبًا كثيفًا طاهرًا ابن يونس: عن بعض الأشياخ: إنما رخص في هذا للمريض خاصة وأما الصحيح فلا، وخالفه غيره من شيوخنا وقال: ذلك جائز للمريض وغيره، لأن بينه وبين النجاسة حائلًا طاهرًا. ابن يونس: وهذا أصوب
الأظهر: بصيغة التفضيل يشيرُ بها لاختيار الإمام أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الأندلسي ت 520ه من خلاف من تقدمَّه كقوله في باب الطهارة (والأظهر طهارتُه) قال الحطاب [100] ميتة الآدمي نجسة واستظهر ابن رشد القولَ بطهارته وسواء كان مسلما أو كافرا، قال : "والصحيح أن الميت من بني آدم ليس بنجس بخلاف سائر الحيوان التي لها دم سائل"[101]
إن الشرطية: يشير بها إلى المفهوم المعتبر عنده "من مفاهيم المخالفة وهو: مفهوم الشرط فقط غالبًا فيستغنى بمفهوم الشرط عن التصريح بذلك المفهوم نحو قوله: (وفي الاتفاق على السلب به إن صنع تردُّدٌ): أي: على سلب طهورية الماء المتغير بالملح إن صُنِعَ تَردُّدٌ، مفهومه أن غير المصنوع لا يتفق على سلب طهوريته[102]
أُوِّلَ : ومشتقاتها : تأويلان، تأويلات، وتؤولت، يُشير بهذه المادة إلى اختلاف شارحي المدونة أمّ الفقه المالكي بعدَ الموطأ في فهم موضع منها وقدْ ينشأُ من كل تأويلٍ قولٌ إذا اختلفت الأفهام " ويجوز الإفتاء بكل إن لم يُرجِّح الأشياخُ بعضها" قال عليش "وتصير مفهوماتهم منها أقوالا في المذهب يُعمل ويُفتى ويقضى بأيّها إن استوت، وإلا فبالراجح، أو الأرجح وسواء وافقت أقوالا سابقة عليها منصوصة لأهل المذهب أم لا وهذا هو الغالب كقوله في باب الظهار: "وهل هو العزم على الوطء أو مع الإمساك تأويلان" قال الخرشي : "اختلف الأشياخ بعد ذلك فيما تقتضيه المدونة من ذلك فاللخمي فهم المدونة على أن معنى العود هو إرادة الوطء فقط، وفهمها القاضي عياض وابن رشد: على أن معنى العود هو إرادة الوطء مع إرادة العصمة معا ولو سنة" وقد أحال خليل إلى مادةِ التأويل في أكثرَ من مائة وسبعينَ موضعاً من مختصره المفيد.
الأصح: يأتي بها لاختيار قول من أقوالٍ مُتعددةٍ لبعض المتأخرين كقوله في الصلاة: (واعتدال على الأصح) قال عليش[105] "على الأصحِّ من الخلاف عند بعض المتأخرين ـ غيرِ الأربعة ـ" قال الخرشي "والأصح يشعرُ بصحة مقابله، لأنه اسمُ تفضيل كالأظهر"
أقوالٌ: بالجمع والتثنية: إذا "تَساوى المشهِّرون في الرتبة فإنه يذكر القولين المشهورين أو الأقوال المشهورة" كقوله في نفقة الوالدين :" وهل على الرؤوس أو الإرث أو اليَسار أقوالٌ" قال التتائي في شرحه: "ووزعت نفقة الأبوين على الأولاد عندَ التعدد اتفاقًا، وهل توزع على الرؤوس من غير نظرٍ لذكر ولا غيره، وهو قول: ابن الماجشون وأصبغ، أو توزع قدرَ الإرث، فتختلف بحساب الذكورة والأنوثة، وهو قول: مطرف وابن حبيب.. أو توزع على قدر اليسار، وهو قول: محمد وأصبغ؟ أقوال بغير ترجيح.
وكقوله في الطهارة: "وفي المغشى والمموه والمضبب وذي الحلقة وإناء الجوهر قولان"
قال التتائي: "قولان في كل فرع من الخمسة، لم يترجح عنده في واحد منها شيء".
الأرجح: بصيغة التفضيل يشاربها لابن يونس لاختياره من خلاف تقدمه قال الحطاب "خص ابن يونس بالترجيح، لأن أكثر اجتهاده في الميل مع بعض أقوال من سبقه وما يختار لنفسه قليل" كقوله : (والأرجحُ السلَبُ بالملح).
تردد: يُشير بالتردد" إلى أحد أمرين الأول: تردد المتأخرين كابن أبي زيد ومن بعده في النقل عن المتقدمين كأن ينقلوا عن مالك وابن القاسم وغيرهما في مكان حكما معينا في مسألة، ثم ينقلوا عنه في مكان آخر خلافَ ذلك الحكم أو ينقل بعضهم عنه حكما فيها وينقل آخرون عنه فيها خلافه وسبب ذلك: إما اختلاف قول الإمام بأن يكون له قولان وإما الاختلاف في فهم كلام الإمام فينسب له كلٌّ ما فهم عنه الثاني: تردد المتأخرين في الحكم نفسه لعدم نص المتقدمين على حكم المسألة"[111] كقوله (وكره ماء مستعمل في حدث وفي غيره تردد) أي وفي كراهة استعمال الماء المستعمل في غير حدث كالمستعمل في الأوضئة والاغتسالات المستحبة والمسنونة .. ووضوء التبرد.. وماء غسل به ثوب طاهر سالم من النجس والوسخ: تردد للمتأخرين في النقل [112]فالكراهة لابن بشير وصاحب الإرشاد وعدمها لسند وابن شاس وابن الحاجب .. وهذا التردد مستو لم يُعتمد واحد من القولين[113]
حسُنَ: يعني بها استحسان شيخ من غير الذين ذكرهم في المقدمة لقول شيخٍ آخرَ كقوله في صلاة المتحيِّر في القبلةِ :(ولو صلَّى أربعاً لحسُنَ) القائل بصلاة المتحير إلى كلِّ جهةٍ من الجهات الأربع هو الإمام محمد بن مسلمةَ ت 216ه تلميذ الإمام مالك، والمستحسِنُ لقوله هو: ابن عبد الحكم ت 214ه. [114]
حُملت: يشير بها لتفسير بعض المتقدمينَ لقولٍ في المدونة كقوله في الإيلاء (وحُملت على ما إذا روفعَ) يعني أن المدونة حملت أي: حمل قول الإمام فيها على أن محلَّه فيما إذا رافعت المرأةُ الزوج ولم تصدقه في أنه أراد بالاستثناء حَلَّ اليمين وإنما أراد به التبرك، وامتناعه من الوطء يدل على أنه لم يقصد حل اليمين بل أراد التبرك[115]
اختيار: يشيرُ بالاختيار إذا كان بصيغة الاسم لاختيار اللخمي قولَ سواهُ وموافقته إياهُ فيه كقوله عن التنحنح في الصلاة: (والمختارُ عدم الإبطال) فإن اللخمي أخذَ بقول الأبهري بعدم إبطال صلاة المتنحنح [116]
اختار: يشير باختارَ بصيغة الفعل لاختيار اللخمي واجتهاده كقوله في الطهارة عن المعفواتِ: (واختار إلحاق رِجْل الفقير وفي غيره للمتأخرين قولان) قال الخرشي [117]يعني أن اللخمي وابن العربي أيضا اختار في رجل الفقير العاجز عن نعل أنه يعفى عن أثر ما يصيبها من أرواث الدواب وأبوالها إذا دلكت ـ .. وفي غير رجل الفقير.. قولان للمتأخرين.
اختير: بصيغة الفعل المبني للمجهول يشارُ بها لاختيار اللخمي من تلقاء نفسه ، كقوله السابق:(ولو صلى أربعا لحسُن، واختيرَ خلافه) قال الخرشي [118] اختير: عند اللخمي، وهذا إذا شك في الجهات الأربع، وأما إن شك في جهتين صلَّى صلاتين أو ثلاثة صلى ثلاث صلوات.
خلاف: يشير بها للقول الذي قال بشهرته عالم وقال بشهرة خلافِه عالمٌ آخرُ وهما متساويان في الرتبة وكلاهما يقول بشهرة ما ذهبَ إليه كقوله في الطهارة: (وَهَلْ الْجَسَدُ كَالثَّوْبِ أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ؟ خِلَافٌ) يعني: هل الجسد الذي شكَّ في إصابته نجاسة ًكالثوب المشكوك في إصابته نجاسة في وجوب نضحه ـ وهو ظاهر المذهب عند ابن شاس والمذهب عند المازري والأصح عند ابن الحاجب، أو يجب غسل.. الجسد المشكوك في إصابته نجاسةً لأن الغسل لا يفسده بخلاف الثوب، وهو المذهب عند ابن رشد والمشهور عند ابن عرفة ـ
رُجّحَ: هذه العبارة يشير بها لترجيح ابن يونس المستقلِّ به دون غيره كقوله في الصداق :(وَرُجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ) أي: ورجَّح ابنُ يونس بداءةَ حلِف الزوج على تخيير المرأة بين الفسخ أو الرضا بما حلف عليه إن قام للزوجة بينةٌ على التزويج بألفين
استُحسِن: بالبناء للمجهول ـ يُشير بها إلى استحسان شيخٍ من غير الأربعة الذين ذكرهم، واستحسانُ الشيخ في ما يراهُكقوله (وَنِفَاسٍ بِدَمٍ وَاسْتُحْسِنَ وَبِغَيْرِهِ لَا بِاسْتِحَاضَةٍ) أي : واستُحسن وجوب الغسل بسبب الولادة بدم وبغيره .. استحسنه ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح من روايتين عن مالك " - رضي الله عنه -
صُحِّح: بالبناء للمجهول، يشيرُ بها لتصحيح شيخ ممن لم يذكرهم قولاً لغيره قال الحطاب "الأقربُ إلى التحقيق أن التصحيح فيما يصحِّحه الشيخ من كلام غيره" كقوله في ميتة الآدميِّ : (والنص عدم جواز أكله لمضطر وصُحِّح أكله أيضا) والمُصححُ للقول بجواز أكل ميتة الآدميِّ للمضطر هو الإمام: محمد بن عبد السلام المالكي التونسي ت 749ه
الظاهر: بصيغة اسم الفاعل، يشيرُ بها لاختيار ابن رشد قولاً من الأقوال الخلافية واستظهاره صحتَه[124] كقوله في الجهاد: (وحُرقَ إن أنْكى أو لم ترج والظاهر أنه مندوب) أي : والظاهر عند ابن رشد أن تخريبَ دورِ المحاربينَ وقطعَ نخلهم وحرق زروعهم مندوب ـ إذا لم يُرجَ حُصول المسلمين َ عليها[125].
ظهرَ: بصيغة الماضي، هي الصيغة التي يشير بها لاختيار الإمام محمد بن رشد القرطبي ت 520ه اختيارُه العائدُ إليه دون اختيار غيره ، كقوله في تزويج البكر عندَ غيبة أبيها البعيدة: (وزوَّج الحاكمُ في كإفريقيةَ وظهرَ من مصر)
يعني أن للحاكم أن يزوج ابنة المجبِر إذا غاب عنها غيبة بعيدة، وغايتها كما قاله مالك مسافة إفريقية أي: القيروان واختلف في ابتدائها فعند ابن رشد: مصر، لأن ابن القاسم بها وتبعه المؤلف
فيها: يشيرُ بها وبكل لفظةٍ أحدُ جُزأيها ضميرٌ مؤنث غائب إلى المدونة ك: حُملتْ وقُيدتْ وأولتْ وما أشبهه كـ: ظاهرها و أقيم منها وفُسرتْ كقوله في التيمُّم : (وفيها تأخيره المغرب للشفق) أي : وفي المدونة تأخيرُ الراجي (الحصولَ على الماء) المغربَ للشفق
قال: بصيغة الماضي ومثلها: قيل، يشير بها لاختيار المازري وترجيحه في نفسه كقوله في الطهارة: (وقُبِل خبرُ الواحد إن بيَّن وجهها أو اتفقا مذهباً وإلا فقالَ يستحسنُ تركه) يعني: وإن لم يبين المخبِر وجهَ النجاسة ولا وافق مذهبه مذهب السائل فقال المازري في شرح التلقين الأحسن تركه
لو: الشرطية، يشير بها إلى خلافٍ داخلَ المذهب كقوله في الأعيان الطاهرة: (ودم مسفوح ولو من سمك وذُبابٍ) يعني أن الدم المسفوح، وهو الجاري :نجس من سائر الحيوانات ، ولو كان من حيوان البحر كالسمك أو من الذباب أو القراد، على المشهور عند مالك، ومقابل المشهور أنه طاهر مطلقا وهو قول القابسي واختاره ابن العربي، لأنه لو كان نجسا لشرعت ذكاته
مَقول: بصيغة اسم المفعول، يشير بها لاختيارِ المازري من خلاف سابقٍ قال الخرشي وإن كان من أقوال المذهب فيشير له بصيغة الاسم، وهو لفظ "المَقول" كقوله في الزكاة: (أو بمعدن على المقول) أي: و.. يضمُّ ما اقتضى من دينِه لما أخرجَ من المعدن مما يكمل به النصاب ويزكى حينئذ لأن خروج العين من المعدن كمالُ حال حوله إذ لا يشترط مرور الحول في الخارج منه على ما استحسنه المازري
المختار: بصيغة اسم المفعول، يشير بهذا اللفظ لاختيار اللخمي لقولٍ سُبِقَ إليه، كقوله في الأذان: (لا جماعةٍ لم تطلب غيرها على المختار) يعني به أن ما ذُكر من أن الجماعة الحاضرة التي لا تطلب غيرها ليسوا مأمورين بالأذان، هو قول: ابن حبيب، واختاره اللخمي
******